الخميس، 26 نوفمبر 2009

ذكريات التشريح

بسم الله الرحمن الرحيم

التشريح كجزء من التحقيق في حوادث استشهاد داخل السجون الاسرائيلية

تجربة شخصية

يتذكرها

المهندس خالد بطراوي

الطريق من رام الله الى معهد الطب الشرعي الاسرائيلي المعروف بـ " ابو كبير" الواقع على شارع بن تسفي هو طريق قصير يتطلب منك أن كنت تعرفه جيدا أن تقطع المسافة من رام الله بحوالي خمسة واربعين دقيقة طبعا من دون حواجز.

ابان الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت عام 1987 قطعت هذه الطريق 29 مرة ذهابا وايابا للتواجد اثناء تشريح جثامين فلسطينيين سقطوا اما في السجون والمعتقلات الاسرائيلية و/أو في احداث الانتفاضة.

لا زلت أذكر ذلك جيدا، اذكر رحلة الذهاب قبل بدء التشريح وأذكر تفاصيل التشريح، واذكر رحلة الاياب. أنا المهندس المدني الذي لم يكن يفقه أي من المصطلحات الطبية.

لا بد لي في البداية الا أن أحنى رأسي اجلالا واحتراما لكافة الشهداء وأن أخص من بينهم كل شهيد قطعت شفرة التشريح جزء من جلده، وقص المنشار جمجمته وقفصه الصدري وبحث المشرح خلف عينه عن دليل قد يميط اللثام عن أسباب وفاته. وأود هنا أن أشير الى أنهم عندما حصل التشريح لم يكونوا يتألمون لكن كنت أنا اتألم وما زلت أتألم كثيرا، ولكن كان لا بد لهم حتى وعند استشهادهم الا أن يتمموا الحلقة الأخيرة في ملحمة تحدى الاحتلال بأن يثبتوا أنهم قد تعذبوا وبالتالي على الأقل لا يستريح من قام بتعذيبهم.

لا أدعي أن ذكرياتي تشكل نقطة البداية في تاريخ التشريح بالنسبة للفلسطينيين في مشرحة أبو كبير، لكنني أنقل لكم هذه التجربة الشخصية مع كل ما رافقها من صعوبات وآلام للجميع لعلنا جميعا نعمل على وقف التعذيب ليس فقط عندما يتعلق الأمر بالاحتلال بل أيضا لدينا في مجتمعنا المحلي.

أولا :- أهمية التشريح

لا اريد أن اطيل عليكم، فللتشريح أهمية قصوى كجزء من البحث الجنائي وكبينه فنية متخصصة في معرفة أسباب الوفاة. وكان المجتمع الفلسطيني شأنه شأن المجتمعات العربية لا يقبل بالتشريح من منطلقات دينية واجتماعية، وكان جلّ اهتمام ذوي الشهداء هو دفنهم باعتبار أن " اكرام الميت دفنه".

لقد اعتمدت السلطات العسكرية الاسرائيلية على ذلك كثيرا، ورغم أن القانون يفرض عليها اجراء عملية التشريح في أعقاب كل حادثة وفاة لأشخاص في قبضة السلطة الاحتلالية الحاجزة و/أو قضوا برصاصها، الا أنها كانت تتعمد اهمال ذلك وفي أفضل الأحوال كانت تجري كشفا ظاهريا على الجثة مما أضاع فرصة توفير البينة الفنية لاثبات الجرم أو نفيه.

ثانيا:- التشريح ومعهد أبو كبير ونظرة تاريخية

1- معهد أبو كبير للطب الشرعي الاسرائيلي هو معهد رسمي اسمه " معهد لي غرين بيريج للطب العدلي". ولا يستقبل المعهد أي عمليات تشريح خاصة الا باذن رسمي من الجهات القضائية الاسرائيلية وبتكلفة عالية جدا، ولكن يستقبل المعهد تلك الحالات التي تحول اليه من قبل الجيش أو الشرطة الاسرائيلية.

مع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية وبموجب الاتفاقيات فان هناك تعاونا ما بين معهد أبو كبير والطب الشرعي الفلسطيني الذي يتبع وزارة العدل الفلسطينية اداريا ووزارة الصحة فنيا. وقد جرى تنفيذ بعض عمليات التشريح المشتركة بين المعهدين حضرت جزءا منها، علما بانه لم يكن يسمح للاطباء الشرعيين الفلسطينيين المشاركة في عملية التشريح بل حضور العملية التي تستغرق عادة ما بين 4- 6 ساعات.

2- بلا شك فقد بدأت علاقة الفلسطينيين مع معهد أبو كبير مع بدء الاحتلال، حيث سقط عدد من المعتقلين في السجون والمعتقلات الاسرائيلية وأبلغت الجهات الاسرائيلية ذوي الشهداء بأنه سيتم تشريح الجثة، وكانت الرواية الاسرائيلية دوما تتحدث اما عن أسباب وفاة طبيعية، أو انتحار أو تصفية داخل السجن. لذلك اعتبر معهد أبو كبير للتشريح جزءا من الرواية التكميلية التجميلية الاسرائيلية لكن هذه المرة مدعومة بأسباب علمية تستند الى تقرير تشريح.

3- وما فاقم في التشكيك بمعهد الطب العدلي الاسرائيلي ارغام سلطات الاحتلال ذوي الشهداء على دفنهم ليلا وبحضور عدد محدود من العائلة وفي كثير من الأحيان دون حتى القاء نظرة الوداع. وفي تلك المرات التي سمح لذوي الشهداء بالقاء نظرة الوداع أفاد بعضهم بانهم يشكون في أن أعضاء قد انتزعت من الجثامين وبضمنها الأعين حيث كانوا يشاهدون أعين اصطناعية.

4- وبدأت مؤسسات حقوق الانسان الفلسطينية والاسرائيلية في اتخاذ خطوات قضائية على الأقل للحصول على تقرير التشريح. ولشديد الأسف كانت هذه المؤسسات تزود فقط بالتقرير الأولي للتشريح الذي يخلو من التقارير النهائية والتي تتعلق بفحص الانسجة والدم والأعضاء الداخلية.

5- لذلك بالامكان القول أن ما يزيد عن 25 عاما من أعوام الاحتلال كان العنان فيها طليقا وحرا لأن تتشكل الرواية الاسرائيلية بالشكل الذي يخدم سلطات الاحتلال وكانت تصبغ بصبغة طبية عدلية من خلال معهد أبو كبير للتشريح.

6- واذكر في مطلع الانتفاضة الأولى أي نهاية عام 1987 ومطلع عام 1988 كانت الشرطة تجوب شارع بن تسفي باستمرار وتحديدا عندما يكون في ذلك اليوم عملية تشريح لشهيد فلسطيني، وكان الهدف من هكذا تجوال هو التأكد من خلو الشارع من أي شخص تبدو ملامحه بأنه عربي. لقد تواجدنا أكثر من مرة هناك بوصفنا نمثل مؤسسات حقوق انسان وتم طردنا وارغامنا على مغادرة المنطقة أكثر من مرة.

7- ومع ذلك تواصلت جهود المؤسسات بهدف الدخول الى معهد أبو كبير ومعرفة ما يدور في داخله. بدأت المؤسسات كما ذكرت آنفا بالسعي للحصول على تقرير تشريح، ثم أمعنت في طلبها بالقول أنه من حق العائلة أن تنتدب ممثل لها يحضر عملية التشريح، وتعاقدت مؤسسات حقوق الانسان مع مؤسسة ( The American Association for The Advancement of Science) بهدف تأمين طبيب مشرح ليمثل العائلة حيث كان السلطات العسكرية الاسرائيلية لا تسمح لاطباء فلسطينيين بالحضور هذا ناهيكم على أنه لم يكن هناك آنذاك أي طبيب مشرح فلسطيني.

8- وفي النهاية تمكنت هذه المؤسسات من الولوج الى داخل اسوار معهد الطب الشرعي أبو كبير. ودعوني أسرد لكم بعض الحالات التي حفرت حفرا في ذاكرتي واستعنت ببعض تواريخها من مذكرتي عندما كنت أعمل منسقا لوحدة البحث الميداني في مؤسسة " الحق".

أ- الشهيد عوض حمدان

استشهد الشهيد عوض حمدان (من قرية رمانه) بتاريخ 21/7/1987 في سجن جنين المركزي بعد يومين من اعتقاله.

استنادا الى الجهات الاسرائيلية الرسمية آنذاك فقد ذكر أن الشهيد قد سقط بالسكتة القلبية ثم عدلت الرواية بالقول جراء لدغة أفعى، ثم الموت اختناقا أو شنقا.

استفزت هذه الروايات الجميع وبضمنهم المحامية الاسرائيلية المناضلة فيليتسيا لانغر. التي تقدمت بالتماس الى محكمة العدل العليا.

وقد أجريت عملية تشريح دون حضور أي ممثل عن العائلة. وفي شباط 1988 أبلغت المحكمة أن المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية قد توصل الى استنتاج بأن سبب الوفاة " ناجما عن الاهمال" وأوعز " بمحاكمة ضابط الشاباك المسؤول عن هذا الاهمال الذي أدى الى الوفاة".

حتى تاريخه لم تقم السلطات العسكرية الاسرائيلية بنشر نتائج التشريح ومن ثم نتائج التحقيق.

وفي آذار 1988 قبلت محكمة العدل العليا الاسرائيلية تبرير وزير "الدفاع" الاسرائيلي آنذاك اسحق رابين القائل بأن " تقديم أية معلومات تتعلق بأساليب تحقيق الشاباك من شأنه أن يعرض أمن الدولة الى الخطر". ولكن المحكمة أيضا قبلت بتصريح رابين الداعي لأن يتم ابلاغ عائلة الشهيد بالأسباب العلمية التي نجمت عنها الوفاة. وبالتالي صرحت المحكمة بالاستناد الى المدعي العام بأن عوض حمدان قد قضى نتيجة لانقطاع التنفس بسبب الخنق.

وواصلت مؤسسات حقوق الانسان والمحامية لانغر سعيها بارغام المحكمة ( بعد أن أظهر تقرير التشريح وجود رضوض وكدمات على جسد الضحية) بالافصاح عن الأسباب التي دعتها لعدم سرد تفاصيل وظروف الاعتقال التي أدت الى هكذا وفاة. وقررت المحكمة أنه يحق فقط للعائلة والمحامية لانغر الاطلاع على هذه التفاصيل لكن شريطة عدم تعميمها.

ب- الشهيد ابراهيم المطور

اعتقل السيد ابراهيم المطور (31 عاما من سعير) بتاريخ 8/7/1988 حيث نقل الى معتقل الظاهرية ومن ثم الى معتقل عوفر بالقرب من رام الله. بتاريخ 12/10/1988 التقته عائلته خلال جلسة المحكمة ثم عادت والتقته في اليوم التالي ضمن برنامج الزيارات العائلية. بتاريخ 18/10/1988 تمت اعادته الى معتقل الظاهرية وبتاريخ 21/10/1988 صرح الناطق العسكري الاسرائيلي أنه قد وجد مشنوقا في زنزانته.

استنادا الى افادات من معتقلين شاهدوه عندما وصل الى سجن الظاهرية فقد خرج من الباص وكانت الدماء تسيل من رأسه وخاصة من خلف اذنه. وسمع المعتقلون صراخه وهو يقول " الله أكبر ، الله أكبر، أنا ابراهيم المطور أشهدوا يا اخوان أنهم يقتلونني".

أنا شخصيا ما زلت أسمع تلك الكلمات التي رددها عليّ معتقلون سمعوا الشهيد المطور يرددها. وقد قامت السلطات العسكرية الاسرائيلية باجراء التشريح في معهد أبو كبير حيث قام بالتشريح الدكتور ليفي وهو روماني الأصل وذكر في التقرير أنه توجد رضوض على الجثة على ما يبدو جراء الضرب.

لم تقنع هذه التبريرات مؤسسات حقوق الانسان وتم من خلال المحامية فليتسيا لانغر اصدار امر باعادة التشريح وبالفعل وبعد أكثر من ستة أشهر من الوفاة وتحديدا في تموز 1989 توجهت بنفسي مع آخرين في منتصف الليل الى قرية سعير وبعد التنسيق مع القوى الوطنية في القرية وقمنا مع السلطات العسكرية الاسرائيلية بعملية فتح القبر واستخراج الرفات ونقلها للتشريح مرة أخرى بحضور أخصائي التشريح العالمي ديريك باوندر.

لقد أثبت الدكتور باوندر بأن الشهيد المطور قد تعرض لضربات عنيفة أحدثت جروحا وليس رضوضا وكان التعذيب الجسدي والنفسي شديدا وتضمن رش المعتقل بالغاز وحقنه بمواد مخدرة وحرمانه من النوم والتوجه الى المرافق الصحية ووضعه تحت ضغط شديد.

ج- الشهيد خالد الشيخ علي

خالد الشيخ علي ابن السابعة والعشرين عاما من مدينة عزة، اعتقل بتاريخ 7/12/1989 مع والده كامل وشقيقه ناصر. بعد 12 يوما من الاعتقال وعندما كان خالد رهن التحقيق سقط شهيدا. وفي اليوم التالي أبلغ محاميه الاستاذ محمد أبو شعبان – رحمه الله – بأن خالد قد توفي على ما يبدو من " جلطة قلبية".

وقد تمت انتداب الدكتور مايكل بادن لحضور عملية التشريح وهو ممثل مؤسسة "Human Rights Watch".

لقد كانت مفاجأتي كبيرة عندما وصلت والدكتور بادن الى المعهد، حيث كان على علاقة شخصية مع الدكتور أيهودا هيس مدير معهد أبو كبير، وصافحه بحرارة وتبين لي أن الدكتور بادن قد قام بتدريس الدكتور هيس في الجامعة.

لقد تمت عملية التشربح لشاب يافع، عندما تمت ازالة الطبقة الجلدية شاهدنا العضلات المفتولة النقية الخالية من أية ترسبات دهنية وكان التشريح يتم من أعلى الى أسفل وكان لا يوجد أية مشكلة في الجزء العلوي الى أن وصلنا الى منطقة أسفل البطن، حيث خرج مع ضربة أول مشرط دم ازرق اللون متخثرا بكميات كبيرة. وعندها قال المشرحون هنا سبب الوفاة، أنه نزيف حاد في منطقة البطن جراء ضرب منتظم على تلك المنطقة عندما كان جسد الضحية متكورا الى الخارج. عندها تذكرت على الفور أحد أساليب الشبح وهو ما يعرف بشبح الموزة، حيث يتم اجلاس المعتقل على كرسي من دون ظهر، ويتم ربط قدميه ويديه مع بعضها البعض من الخلف على نحو يتكور معها بطن المعتقل الى الخارج، وهناك تتم عملية الضرب باستخدام الماء البارد أو الثلج بحيث لا تظهر علامات الازرقاق على الجلد الخارجي بل يحدث النزيف داخليا.

وعندما انتهى التشريح أذكر أن الدكتور بادن قال للدكتور أيهودا هيس، هل أنتهينا، فقال له نعم. عندها رد عليه الدكتور بادن، ما هكذا تعلمنا، البحث الجنائي زوايا مثلث، الزاوية الأولى هي التشريح، والزاوية الثانية هي الملابس وفحص الأنسجة وفحص الدم، والزاوية الثالثة هي معاينة المكان.

وكانت فعلا هي المرة الأولى التي يتم فيها التوجه لمعاينة المكان. حيث توجهنا فور التشريح الى سجن غزّة المركزي، ولأول مرة نتقابل مع اثنين من المحققين، الذين قالوا لنا " لقد أحضرنا المعتقل من الزنزانة الى هذه الغرفة، وقمنا برفع الغطاء عن رأسه وفك القيد البلاستيكي، عندها شعر بتعب، فذهبنا نحن الاثنين ( سبحان الله ) لاحضار كوب من الماء له وعندما عدنا وجدناه ميتا".

بالطبع ضحكنا جميعا لهذه الرواية لسببين الأول أننا كنا نعرف سبب الوفاة، والثاني أن الكرسي الذي استخدم لتعذيب المعتقل كان لا يزال موجودا في ذات الغرفة.

لقد كانت قضية الشهيد خالد الشيخ علي القضية الأولى التي نتمكن من خلالها من زيارة مكان حدوث الوفاة، وكذلك القضية الأولى التي يتفق من خلالها تقرير معهد أبو كبير مع تقرير الخبير المنتدب من قبلنا نحن كمؤسسات حقوق انسان. وطبعا كان السبب معروفا، أن الدكتور هيس لم يجرؤ أمام استاذه أن يقلب الحقيقة، لدرجة أنه قال لي " هذه المرة لقد أمسكتني – This time you caught me".

وتواصلت القضايا، وتواصل التشريح، أذكرهم جميعا ، أذكر كل واحد منهم. أكثر ما كان يؤلمني أن أحد أفراد العائلة كان عليه أن يرافقنا للتعرف على الجثة. يا الله ما أصعب تلك اللحظات، رأيت الوالد يقترب من ولده، ينظر اليه مليا يصعب عليه أن يعرفه من شدة التغييرات التي حصلت على ملامحه، يريد أن يصدق ولا يصدق، يريد ويتمنى أن لا يكون ابنه ذلك المسجى على طاولة المشرحة، وعندما يدرك أنه ابنه ينهار، وكنت أنا أتلقاه وأحاول بجسدي المنهك ودموعي الغزيرة أن أنهضه عن الأرض، وعندما افشل أجلس معه ونبكي معا، لدرجة أن السكرتيرة هناك كانت تشاركنا البكاء في بعض الحالات.

وأذكر ايضا أنني أحيانا لم أكن أهتم لنتائج التشريح، كنت أهتم بأن ألبي طلب العائلة. عندما استشهد الشهيد مصطفى العكاوي طلبت مني زوجته أن أحضر لها خاتم الزواج من اصبعه، وطيلة التشريح كان همي أن أغافل الأطباء "لأنزع" الخاتم من يده، وعندما فعلت ذلك لم أكترث بعدها لأي شىء. عدنا الى القدس ليلا وعقدنا مؤتمرا صحفيا في الفندق الوطني، أنا لم أحضر المؤتمر طلبت لقاء زوجته، في زاوية من زوايا الفندق ناولتها الخاتم، غادرتني الى المؤتمر الصحفي أما أنا فقد تهاويت على المقعد في الردهة متعبا وبدأت بالبكاء.

أذكرهم جميعا صدقوني أذكرهم جميعا، أمجد جبريل الطويل، أيمن الرزة، حسين حمد، جمال عبد العاطي، محمود المصري، مصطفى بركات، وغيرهم الكثيرون.

لم نلتق الا وهم ممدون على طاولة التشريح، أغمضت أعين بعضهم، لكنني نظرت اليها مليا، أمسكت بأيديهم قبلتهم وذرفت دموعي لأجلهم.

وتوالت الأيام، حتى توالت انباء معهد أبو كبير عبر (Israel National News.com ) عندما ذكرت أن مدعي عام الدولة الاسرائيلية الياكيم روبنشتاين قد قرر عدم مقاضاة الدكتور يهودا هيس جراء استخدامه بعض الأعضاء لتجارب علمية، وذلك لأن العائلات كانت تعلم بالتشريح وتوافق عليه وبالتالي لا يوجد مشكلة في اجراء أبحاث علمية على أجزاء من الجثة لكن كان عليه أن يبلغ العائلات بذلك من دون تجريمه قانونا. وكان الدكتور يهودا هيس قد خضع لاتهام في تموز عام 2002 بأنه قد استخدم أعضاء من 81 جثة لأغراض البحوث العلمية. عندها بدأت بنفسي بالاستفسار " اذا ما كان معهد الطب العدلي الاسرائيلي قد استخدم أجزاء من 81 جثة لاسرائيليين لاغراض علمية، فكيف هو الحال اذا ما كانت الجثة لفلسطيني؟"

سؤال كبير ما زلت أنتظر اجابته حتى هذه اللحظة.

أشكر لكم اهتمامكم.

باحترام وألم

خالد بطراوي

ليست هناك تعليقات: