الأحد، 31 يناير 2010

نانسي عجرم ليا حق

نانسي عجرم ليا حق
بقلم
المهندس خالد بطراوي
رام الله – فلسطين

في أغنية لا تتعدى الأربع دقائق لّّخصت نانسي عجرم ما تسعى كافة الحركات النسوية أن تقوله منذ عقود من الزمن. ومع كل الاحترام لكافة المدافعين عن حقوق المرأة – رجالا ونساءا- ومع كل الاحترام لكافة المطالبين بالمساواة ما بين المرأة والرجل ففي أربع دقائق من الزمن تمكنت نانسي عجرم أن توصل رسالة أخفقتم جميعا في ايصالها طيلة هذه السنين.

نانسي عجرم تقول لكم في أغنيتها " ليا حق" أن أجمل الجرار تلك التي تصنع من الطين وأن أجمل الكلمات تلك التي تقال ببساطة. فلا داعي أيها المدافعون أن تستخدموا لغة معقدة ومصطلحات " الجندرة" الدخيلة على لغتنا العربية وثقافتنا وهويتنا. يكفيكم أن تقولوا

ليا حق برضو اعيش حياتيليا حق برضو
يا حبيبي في الحياة ليا حق وانت حق
عشان تهون الحياة
ثم تضيف نانسي عجرم بمعادلة بسيطة لا تكتمل الحياة بدونها، فتقول أن المرأة هي حواء وأن الرجل هو آدم ولولاهما الاثنين لما تكاثرت البشرية، وبالتالي فمن الصعب أن يعيش آدم بينما تقتل حواء. وبامكانكم أيها الأحبة أن تتخيلوا الكون لو كان يعيش فوقه فقط آدم أو فقط حواء، لكان أن انقرض النسل البشري بعد سنوات، لذلك بمعادلة تقول ( آدم + حواء = حياة) غنّت نانسي عجرم قائلة
انت اب وانا ام
انت ادم وانا حوايبقى صعب يبقى ظلم
تعيش يا ادم وتموت حوا

وكي لا يساء فهم نانسي عجرم تسرع لتوضح أن حواء لا تهدف الى السيطرة على آدم وبالتالي السيطرة على الكون، ولا تهدف الى اضعاف آدم لكنها تقول له ببساطة أن آدم وحواء هما نصفان كل يكمل الأخر تماما كما يتعاقب الصيف والشتاء ويكمل الليل النهار.
لا مش قصدي اقول ولا حاجةلا مش قصدي اقول
وتكون انت ضعيف انتا نص وانا نص
زي الشتا والصيف

اذا أيها الأحبة معادلة بسيطة تختلف كليا عن ذلك التعريف المرتبط بالخطين المتوازيين وهما لا يلتقيان، اذ أن آدم وحواء خطان متقاطعان – بمصطلحاتنا الهندسية – ومعادلتهما معادلة تكميلية.

دعونا نفكر جميعا على هذه الشاكلة، دعونا نرى التكامل ما بين آدم وحواء، ودعونا نربي أجيالنا القادمة على هكذا مفاهيم تسمو فيها العلاقات الانسانية وننتصر معا لكرامة الذكر والانثى.

بامكانكم الاستماع الى الأغنية على الرابط التالي :-

http://www.youtube.com/watch?v=kwwcm473vzE

السبت، 30 يناير 2010

اليسا مصدومة

اليسا مصدومة

بقلم المهندس

خالد بطراوي

رام الله - فلسطين

تبدأ اليسا أغنيتها مصدومة باعلامنا جميعا بأن هذا الحبيب المزعوم قد تمادى كثيرا حيث أخذ في مهاجمتها بعبارات صريحة تمس الأذن وتجرح المشاعر بدءا بتوجيه الشتائم وانتهاءا بالتصريح العلني أن اليسا لم تعد تلزمه في حياته. ويمعن هذا الحبيب المصطنع في تبرير هجومه بالقول أن مشاعر اليسا تجاهه باردة وبالتالي فهي لم تعد تلزمه.

بيقول في حقي كلام كتير مش حلوه ليه
بيقول مليش لازمه في حياتو من النهارده
وعشان مهوش عارف يقول بغلط في ايه
بيقول تعب مني عشان مشاعري بارده

ولاحظوا هنا دقة الوصف الذي تسوقه اليسا في أغنيتها عندما اعتبرها هذا الحبيب المصطنع " أنها لم تعد لازمة له في حياته" وكأن علاقته معها هي علاقة منفعة ليس أكثر، لا يحكمها مشاعر وأحاسيس. وبالتالي فان الشخص الذي يتحدث عن محبوبته وفقا لهذا السياق (وكأنها سلعة) تلزمه أو لا تلزمه، هو فعلا غير قادر على فهم كيمياء العلاقات الانسانية التي تعتبر المحبوب الأوكسجين الذي يتنفسه.

وتتابع اليسا وضوح الرؤيا في أغنيتها وتعلن موقفها الواضح والصريح القائل بأنها بشر، والبشر يخطئون، وليس لديها أي مانع أنه لو وجد هذا الحبيب المصطنع أية عيوب فيها أن يقول للناس عنها، لكنها في داخلها تتأذى لأنه أولا ليس طفلا أو صغيرا كي يكيل الشتائم وينشرها هنا وهناك، وثانيا كي يهبط الى هذا المستوى في تقزيم العلاقات الانسانية.

لو في عيب مش عيب يقول للناس عليه
ويحاكي في مهو مش صغير على الكلام دا

ولهذا كله، ولأجل أشياء أخرى تعتمر في داخل اليسا، تقول أنها مصدومة لدرجة انها تعجز عن النطق و/أو الرد. وهنا قد يبدر للبعض أن عدم قدرة اليسا على الرد هو ضعف منها لكنها تقول أنها مصدومة لأجله هو ، لأنه انحدر الى الدرك الأسفل، فأصبح شكله ( أي صورته) في عينها " مش ولا بد" . ولاحظوا هنا أنه رغم ما كال لها من تجريح شخصي، احترمت اليسا ذاتها أولا بأن التزمت فقط بالتصريح أن صدمتها نبعت فقط لأن صورته في داخلها قد تشوهت، وبالتالي فقد نأت وترفعت عن التعامل بردة فعل وشن هجوم مضاد كما يفعل البعض، فحافظت على نقاء داخلها.

مصدومه بجد ... ومش بنطق ولا عارفه ارد
مصدومه علشان شكله في عيني بقى مش ولا بد


ثم تمعن اليسا الرائعة وتقول ما فائدة الكلام، عندما يتكلم أحدنا عن الآخر، والى ماذا نصل، واذا ما واصلنا " الردح والردح المضاد" ماذا اذا سيتبقى "للرغايين" أن يتحدثوا، خاصة واننا في مجتمع يطرب فيه الناس لنقل الحكايات والأقاويل والقصص.


لو طول الوقت حنفضل نتكلم على بعض

حنخلي ..
ايه للغُرب عشان يحكو في..

وتتراكم الصدمة لدى اليسا فتتساءل مستنكرة كيف يستطيع هذا المحبوب المصطنع أن ينسى جملة الأعمال التي نفذتها لأجله وكيف له أن يهدم كل ما هو جميل لديها، وتصرخ اليسا في داخلها غير مصدقة وتقول " معقول يا ناس أنني أصبحت قبيحة في عينيه، وأن كل عيوب الدنيا لديّ"


ازاي بينسى علشانه ياما عملت ايه
بعد لما هدم كل حاجه حلوه عرفها فيّ
معقول بقيت دلوقتي مش حلوه في عينيه
معقول كمان كل العبر طلعها فيّ

وتقول اليسا أنه طالما اختار هذا الحبيب المصطنع طريق الفرقة فيا " رايح كتر ملايح " كما يقولون باللغة العامية، أو " الكلمة المنيحة طالعة والكلمة العاطلة طالعة" فلماذا لا يذكر أحدنا الآخر فقط بالخير؟ وماذا يخسر الانسان لو فعل كذلك؟


بالخير انا من يومي بتكلم عليه

وحيخسر ايه لو بالخير اتكلم عليا
مصدومه بجد ... ومش بنطق ولا عارفه ارد
مصدومه عشان شكله في عيني بقى مش ولا بد

ما غنّته اليسا في أغنيتها "مصدومة" عميق للغاية، فقد حافظت على نقاء ذاتها، وترفعت من أن توجه أية شتيمة ( أو كلام غير حلو) بحق هذا الحبيب الذي غادرها. وأظهرت قوة حبها وتعمدت أن تظهر محاسن هذا الحبيب وتتغاضى عن سلبياته، وسعت أن تحفظ ذكرى عطرة عن قصة حب لم يكتب لها النجاح، واحتفظت بالصدمة في داخلها علّها تستوعب ذات اليوم تلك الحقيقة التي تقول أنه " أصبح في عينها مش ولا بد".

ويمكن الاستماع الى الأغنية على الرابط التالي :-

http://www.youtube.com/watch?v=ItvjeP3rwEw&feature=related

وأترككم مع كلمات الأغنية

مصدومة

بيقول في حقي كلام كتير مش حلوه ليه
بيقول مليش لازمه في حياتو من النهارده
وعشان مهوش عارف يقول بغلط في ايه
بيقول تعب مني عشان مشاعري بارده

لو في عيب مش عيب يقول للناس عليه
ويحاكي في مهو مش صغير على الكلام دا

مصدومه بجد ...

ومش بنطق ولا عارفه ارد
مصدومه علشان شكله في عيني بقى مش ولا بد

لو طول الوقت حنفضل نتكلم على بعض

حنخلي ايه
للغُرب عشان يحكو في

ازاي بينسى علشانه ياما عملت ايه
بعد لما هدم كل حاجه حلوه عرفها فيّ
معقول بقيت دلوقتي مش حلوه في عينيه
معقول كمان كل العبر طلعها فيّ

بالخير انا من يومي بتكلم عليه

وحيخسر ايه لو بالخير اتكلم عليا
مصدومه بجد ... ومش بنطق ولا عارفه ارد
مصدومه علشان شكله في عيني بقى مش ولا بد

الجمعة، 29 يناير 2010

اليسا تنتصر للمرأة

اليسا تنتصر للمرأة

بقلم

المهندس خالد بطراوي

رام الله - فلسطين

في جديد اليسا " من غير مناسبة " وعلى ايقاع هادىء يتشرب المرارة تبدا اليسا أغنيتها بالقول " من غير مناسبه وبمناسبه بيقابلني بيجيلي يستغلب عليّا وبيحايلني " وهي تشير بذلك الى أن من كانت تحب يحاول " بالطول أو بالعرض" أن يلتقيها.

لكن المشكلة أيها الكرام، أن اليسا تؤكد لنا أنه مهما اعتذر لها فهي في داخلها مجروحة وأيما جرح، لأن هذا الحبيب كان قد طعنها طعنة قاتلة في كبريائها فتقول اليسا " وبيعتذرلي كتير وانا مهما اعتذرلي ، مش هنسى انو في كبريائي كان قاتلني ". وتتابع اليسا فتقول أنها غير قادرة على أن تسامح " معدش ينفع اسمحو ع اللي عملو فيّا".

وهنا قد يتساءل المرء، ولكن ماذا عمل هذا الحبيب المصطنع ، فتعوداليسا لتزيد من فضولنا وتقول أنها لا تستطيع مسامحنه حتى لو جاء وجثى عند قدميها – تماما كما الأفلام الهندية- " لو يجي يتاسفلي والا يبوس ايديا".


ونصل هنا الى مرحلة الفضول القاتل ( وهو حاد بالمناسبة عند البعض) ، ونقول لأنفسنا " ولو يا اليسا شو القصة؟" فتقول اليسا وبمرارة وعلى ايقاع لحن حزين للغاية " بعد النهارده ازاي انا على نفسي ارضى ارجع لحد قدر يمد ايديه عليا ".

وهنا تحديدا نصمت، بل نضع أيدنا على وجنتينا وتجحظ أعيننا لاننا ندرك أن ما حصل هو فعلا طعنة قاتلة للكرامة الانسانية للمرأة كانسان وللمرأة كمرأة.

ولكن قد "يتفلسف " أحدهم ويقول " بسيطة" وهو بذلك يبرر للرجل هذا الأسلوب غير الحضاري تحت مختلف المسميات، لكن اليسا تسارع بالقول " مش هقدر اتهاون واشوف حاجه اسمحو بيها لازم اللي يغلط غلطه يتحاسب عليها أصل اللي يتهاون في جرح كرامته مرّه يستاهل انو يتجرح ميت مره فيها". عندها يتوقف هذا " المتفلسف " عن التبرير فقد قطعت اليسا " قول كل خطيب" كما يقولون.

وهنا أيها الأحبة " بيت القصيد" اذ تقول لنا اليسا بكل بساطة "من يهن يسهل الهوان عليه " لأنها حاولت جاهدة في داخلها أن تلتمس له عذرا، حاولت أن تجد ما يبرر فعلته بضربها، حاولت وحاولت في داخلها لكنها فشلت لانه صعب عليها أن تنكسر في كرامتها لذلك انتصرت لها، بل وأيما انتصار.

وتعود اليسا وتكرر وكأنما تقول لنا " في الاعادة افادة"

معدش ينفع اسمحو ع اللي عملو فيّا
لو يجي يتاسفلي ولا يبوس ايديا
معدش ينفع اسمحو ع اللي عملو فيّا
لو يجي يتاسفلي ولا يبوس ايديا

بعد النهارده ازاي انا على نفسي ه ارضى
ارجع لحد قدر يمد ايديه عليا

ما اريد أن أقوله هنا أيها الأحبة، أننا أصبحنا نجد أسلوبا جديدا في الأغاني العربية الحديثة يخرج عن النمط المألوف ذلك النمط الذي كان يصور الحبيبة ( أو الحبيب ) وقد نسى كل شىء – حتى كرامته - لأجل المحبوب. أصبحنا نجد أن المرأة في الأغاني الجديدة أصبحت تنتصر لكرامتها، وأصبحت أكثر تعبيرا وبصراحة عن جملة الأمور التي تجول في داخلها كانسانه من حقها أن يكون لها تلك المشاعر الرقيقة الممزوجة مزجا بالكرامة والعزة والانسانية والانوثة وكأنها تقول لنا " لا تسقني كأسٍ الحياة بذلة بل اسقني بالعز كأسٍ الحنظل".

جديد اليسا يخاطب الرجل أكثر من مخاطبته للمرأة ويبلغة رسالة واضحة، بل وواضحة جدا تقول أن المرأة انسانة بكل معنى الكلمة وأن اسلوب الضرب هو اسلوب غير حضاري ومرفوض لما يحمله من طعنة للكرامة والكبرياء والانوثة والجمال وكل شىء، وتذكراليسا دوما الرجل بالقول " أيها الرجل أن قوة الله العظمى في النسمة الرقيقة وليس في العاصفة".

ولكن دعونا نعيد عليكم كلمات الأغنية التي بالامكان الاستماع اليها على الرابط التالي :-

http://www.youtube.com/watch?v=YpKE9_U1J00&feature=related

من غير مناسبه

من غير مناسبه وبمناسبه بيقابلني
بيجيلي يستغلب عليّا وبيحايلني

من غير مناسبه وبمناسبه بيقابلني

بيجيلي يستغلب عليّا وبيحايلني

وبيعتذرلي كتير و انا مهما اعتذرلي
مش هنسى انو في كبريائي كان قاتلني
معدش ينفع اسمحو ع اللي عملو فيّا
لو يجي يتاسفلي ولا يبوس ايديا
معدش ينفع اسمحو ع اللي عملو فيّا
لو يجي يتاسفلي ولا يبوس ايديا

بعد النهارده ازاي انا على نفسي ه ارضى
ارجع لحد قدر يمد ايديه عليا

مش هقدر اتهاون واشوف حاجه اسمحو بيها
لازم اللي يغلط غلطه يتحاسب عليها
اصل اللي يتهاون في جرح كرامته مرّه
يستاهل انو يتجرح ميت مره فيها

الثلاثاء، 12 يناير 2010

زلزال هايتي ورسالته الجديدة

زلزال هايتي ورسالته الجديدة

بقلم

المهندس خالد بطراوي

فلسطين

ليس جديدا اذا قلت أن الزلزال الأخير الذي ضرب هايتي وبلغت قوته 7 درجات على مقياس ريختر، قد حمل لنا، نحن المهندسون بالتحديد رسالبة جديدة.

ولكن قبل أن نتحدث عن مكنونات هذه الرسالة دعونا نورد بعض الاحصائيات الأولية للخسائر التي خلفها هذا الزلزال. ففي حوالي الساعة الخامسة الا سبع دقائق من مساء يوم الثلاثاء 12/1/2010 (أي قبل يوم واحد من تاريخ كتابة هذه المقالة) ضرب زلزال بقوة 7 درجات هايتي وهو الأعنف منذ اكثر من مائتين واربعين عام في تاريخ هذه المنطقة الجغرافية ، حيث كانت منطقة هايتي قد تعرضت لزلزال عنيف عام 1770 ، فيما تأثرت عام 1946 بآثار الزلزال الذي ضرب جمهورية الدومينكان وبلغت قوته آنذاك 8.1 درجة وفق مقياس ريختر، ما نجم عنه موجات " التسونامي" التي راح ضحيتها 1790 انسانا.

وقد أدى الزلال في انهيارعدد كبير - غير محدود بعد- من المباني بضمنها المستشفى الرئيسي، القصر الوطني، مقر قوات حفظ السلام الدولية وغيرها من المقرات الهامة، وانتشرت الجثث في الشوارع وما زالت أصوات الجرحى والمحتجزين تحت الأنقاض تتواصل حتى لحظة كتابة هذه المقالة. وقد انقطعت كافة الاتصالات ما تعذر معه الحصول على صورة أكثر وضوحا عن حجم الكارثة، لكن معظم من تمكن من وصف الحالة قبل انقطاع الاتصالات ذكر أن المباني قد هدمت أو تصدعت جدرانها على نحو خطير للغاية قد تسقط معه في أية لحظة، ما يزيد من عدد الضحايا.

وقد سبق هذا الزلزال حادثة مأساوية في احدى موانىء هايتي عندما انهارت مدرسة في تشرين الثاني من العام 2008 وفي أعقابها صرح مسؤولون محليون أن ما نسته 60% من المباني الهايتية قد شيد بصورة غير آمنة.

ومن هنا بالتحديد أبدأ بالاجابة على السؤال الذي طرحته في بداية مقالتي وهو ما الرسالة التي يحملها لنا – نحن المهندسون- زلزال هايتي؟

الرسالة الأولى بسيطة للغاية تقول لنا حقيقة هامة جدا، أن الكوراث الطبيعية تحصل بين الفينة والأخرى وأننا لا نستطيع أن نوقفها و/او أن نتبأ متى ستحصل بالدقيقة بل وبالثانية والزمان والمكان. والرسالة الثانية والتي يرددها دوما أخصائي الزلازل الفلسطيني الدكتور جلال الدبيك والمتعلقة بالأساس بالزلازل أن " الزلزال لا يقتل" فلو وقف الانسان في العراء وحصل الزلزال لاهتز "ورقص" معه دون أن يحصل له شىء، والرسالة الثالثة تنطلق من الرسالتين الأولى والثانية ، وتقول أنه طالما أننا لا نستطيع ايقاف أو معرفة بالضبط متى ستحصل هذه الكارثة الطبيعية ( وتحديدا الزلازل) فعلينا وبعد معرفة مسبباتها أو نسعى للعمل على التخفيف من مخاطرها وذلك أولا بالاستعداد للزلزال قبل حدوثه، وثانيا التحرك الفوري أثناء حدوثه وثالثا التحرك اللاحق بعد حدوثه ( وكل ذلك يندرج تحت اطار خطة وطنية لادارة الكوارث).

ما نجح به المهندسون عموما أنهم عرفوا الاجهادات والأحمال التي تتعرض لها كافة المنشآت جراء الزلزال، لذلك قاموا باجراء التصميم الهندسي الملائم للهياكل كي تتمكن من تحمل اهتزازات الزلازل "وترقص بل وتتمايل معها" لذلك نجد أن الزلازل التي تحصل في اليابان مثلا لا تحدث دمارا يثير الانتباه، بل حتى أن المواطنين هناك تعودوا على رباطه الجأش عند حدوث الزلزال ولا يقومون باخلاء حتى المباني العالية وقت حدوث الزلزال.

منطقتنا – منطقة الشرق الأوسط – منطقة نشطة زلزاليا منذ مدة، ولست على اطلاع دقيق حول مدى استعداد دول المنطقة في حالة وقوع زلزال تشير توقعات المختصين أن قوته ستتراوح ما بين 6 – 7 درجات على مقياس ريختر. ولست على اطلاع بنمط البناء في هايتي، لكنه بالاساس يعتمد على ذات النظام الهندسي من حيت انتقال الأحمال من الأعصاب الثانية الى الجسور الرئيسية الى الأعمدة الى القواعد والأساسات ثم الى التربة ( وبضمنها الطبقة الصخرية). وطالما أن النظام الانشائي هو نظام معروف، وطالما أن حالة عينية ما زالت تحصل أمام أعيننا الان في هايتي، فانه يتحتم علينا – كل في دولته – أن يعمل جاهدا ( الان الان وليس غدا) أولا الى فحص المباني والمنشآت والبنية التحتية القائمة للوقوف على حالتها ومدى استعدادها لاستقبال الزلزال، وثانيا تهيئة ما يمكن تهيئته من هذه المنشآت، وثالثا انشاء ادارات كوراث مؤهلة، ورابعا زيادة التوعية بالكوارث الطبيعية (والزلازل من ضمنها) واجراء تدريبات الاخلاء والاغاثة وما شايه، ورابعا عدم انشاء أية منشآت جديدة ما لم تكن " مطوعة زلزاليا" وجاهزة للرقص والتمايل "وهز الخصر" عندما يعزف أي زلزال قادم – قدّر الله سبحانه وتعالى ولطف- سمفونيته الطبيعية قبل أن تتحول الى مقطوعة " لحن الخلود"

حماكم الله جميعا.