الأحد، 12 سبتمبر 2010

اليسا ... خذ بالك عليا

اليسا .... خذ بالك عليا

هواجس

المهندس خالد بطراوي

رام الله - فلسطين

" خذ بالك عليا دي مش معاملة تعاملني بيها وابقى افتكر ليا أيام تعبت عشانك فيها " بهذه الكلمات بدأت اليسا أغنيتها " خذ بالك عليا" وهي بذلك تدعو الى المعاملة بالمثل، بمعنى عليك أيها الحبيب أن تهتم بها "وتنتبه لها" تماما كما هي كانت قد فعلت في السابق عندما بذلت مجهودا كبيرا وتعبت أيما تعب فيما مضى وهي تهتم وترعى هذا الحبيب.

وبصراحة فانني أختلف مع هذا التوجه، لأن الانسان عندما يقدم ما يقدمه فانه يفعل ذلك من تلقاء نفسه ومن القيم والمثل التي تربى عليها وليس عرفانا لجميل كان قد قدمه ذات يوم اليه انسان آخر.

فكثيرة هي هذه الأيام التصرفات التي تنبع ليس من الأعماق وانما كرد جميل، حيث نرى عائلة لا تحضر هدية الى عائلة أخرى في مناسبة ما الا اذا كانت هذه العائلة قد أحضرت فيما مضى هدية. بمعنى أن مسألة التعامل بالمثل بدأت تطغى في الوقت الذي يجب أن ينطلق فيه الانسان من أخلاقياته ومثله وليس كردود فعل على أفعال آخرين.

لا يمكن لي أن أقبل مثلا بأن يعامل حبيب محبوبته باهمال أثناء مرضها تحت ذريعة أنها عندما مرض هو لم تهتم به، لأن ذلك الفعل يعني أن العلاقة هي علاقة منفعة ومصلحة تبادلية ليس الا.

وتتابع اليسا أغنيتها بالقول " يا ريتك بس تفهمني وما تستهونش بوحدة تبقى مجروحة وما بتبينش دي واحدة أد ما بتضحي وتستحمل أول ما بتفكر تنسى ما بتستأذنش".

وهنا أيضا أيها الأحبة تتابع اليسا منهج الملامة فهي أولا تتمنى أن يفهمها، فاذا كان هذا الحبيب لا يفهمها، فمعنى ذلك أن هناك خلالا في العلاقة ما بينهما، ولم ينجحا معا في أن يرتقيا بعلاقتهما على نحو يكون كل منهما قادر على أن يفهم الآخر حتى دون أن يتكلم. ثم تتابع مخاطبة الحبيب بالقول أنه لا يحس بواحدة مجروحة، وهذا " الواحدة" ليست أي كان، انها حبيبته، فاذا كان لا يحس بها، فهي مصيبة، اذا كان هذا الحبيب لا يحس بجرح المحبوبة ( وآصلا يجب أن لا يجرحها) فكيف له أن يحس بجراح الآخرين من حوله؟

وتضيف اليسا أن الحبيبة لا تحاول أن تظهر هذه الجراح وفي ذلك نبل وآصالة منها، لكن على الحبيب الحقيقي أن يستنبط هذا الجرح بنفسه. ويا سيدتي، أيتها الرائعة اليسا، اذا كان هذا الحبيب يسبب الجرح للمحبوبة ولا يشعر به، فهل تعتقدي أنه اذا أراد أن يتركها سوف يقوم بالاستئذان؟ أنه حبيب مصطنع ليس أكثر. من يحدث جرحا للناس ومن لا يشعر بما فعل ولا يعالج ما ارتكب على الفور، لن تكون لديه تلك الجرأه كي يستأذن عندما ينسحب، فان ذاتيته وأنانيته هي التي ستسيطر عليه في هذه الحالة.

وتتابع اليسا المعاتبة ( التي لا اتفق معها) بالقول كان في حاجات نقصاك وأنا كملتها، وحاجات كثير فيك مش حلوة وأنا جمّلتها" واعتقد أن ما فعلته اليسا هو عين الصواب، فلا يوجد أي انسان مكتمل، فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى، وعلى المحبوب أن لا يسعى الى اظهار سلبيات الحبيب، بل يعالجها بصمت بل بصمت مدقع، وأن لا "يحمله جميلة" فيما بعد بأنه من أصلح عيوبه. ثم تقول اليسا " أنا فرصة لو ضيعتها حتزعل عليها" ولا أعتقد مطلقا أن العلاقة ما بين الحبيب والمحبوبة هي فرصة " فالعريس لقطة وغني ومعه جواز سفر أجنبي وعندو دار وسيارة ومصنع" وبالتالي فاذا كان هذا الحبيب أولا يجرح المحبوبة وثانيا لا يحس بجرحها وثالثا يغادر دون استئذان، ورابعا يعتبرها فرصة أو حتى " عابرة سرير" فهو في أفعالة هذه يقترب الى أفعال الانتهازيين الذين يعملون بمقولة " الغاية تبرر الوسيلة"

ثم تقول اليسا "مين غيري عايشه تخاف عليك طول عمرها ، مين غيري هتسيب روحها ليك لو سبتها ، مين غيري لو تحتاجلها..قوام هتلاقيها. ولا أدري ما الهدف من اطلاق هكذا عبارات، اذا كانت من باب التذكير فلا داعي لها، وان كانت من باب الملامة، أيضا لا داعي لها، لأن الانسان ينطلق بالأساس في أفعاله من قناعاته، فاذا كانت هي مقتنعة أنه يجب أن تخاف عليه، وأنه لو تركها فستعطيه روحها، وأنه عندما يحتاج لأن تكون بقربه، حتى لو خذلها مليون مرة، فلن تتردد ولو لحظة أن تقف الى جانبه، اذا كانت مقتنعة بذلك كله، فعليها أن لا تفكر مطلقا ولو لحظة بأنه يجب عليها أن يعاملها بالمثل دون أن تنطلق هذه المعاملة من صميم قناعاته ومن أعماق أعماقه.

بالمحصلة العامة علينا أن نتصرف كما نحن، أن نحب بعمق وليس كرد فعل على من التفت الينا أو أحبنا بسطحية، علينا أن نقدم منطلقين من قناعتنا وليس مجاملة أو كي نحمّل الآخرين "جميلة"، وعلينا أن نحفظ ذكريات جميلة حتى لو لم يحفظها غيرنا، وعلينا أن نكون دائما هناك الى جانب من يحتاجنا حتى لو هجرنا هو، حتى لو أساء الينا ذات يوم، فنحن نعمل منطلقين من قناعاتنا ومفاهيمنا وأحاسيسنا، ونحن الفقراء أقدر الناس على العشق كما قال ذات يوم صديقي الكاتب ابن المخيم أسامة العبسة.

موسيقى الأغنية جاءت على ايقاع حزين يرتفع أحيانا وينخفض وفي ذلك دلالة على أن اليسا وان كان تخرج ما في داخلها من "آهات" الا أنها ليست تذمرات أو شكاوى بقدر ما هي فضفضة داخلية، لأنني واثق كل الثقة أن من يحب، وحتى لو تركه هذا الحبيب المصطنع، وعندما يكون هذا الحبيب في أزمة، فان من أحب حقيقة سيكون هناك، واقفا الى جانبه بشد من أزره وعزيمته لا ليجعله يعود اليه، وانما لأن هذا هو الحبيب الحقيقي بعينه، ومن يحب لا يكره ولا يحقد ولا يتصرف الا بصفاء نفس وبهدف غاية في النبل والعزة.

أما لمعلمة الرياضيات التي طلبت مني أن أكتب عن كلمات الأغنية وصاحبة ريشة تشير الى لمسة فنان ، فأقول لها شكرا، ولا يمكنني بأي حال من الأحوال أن اقبل بمعادلة الحساب البسيطة 1+1= 2، ففي العلاقات البشرية الانسان هو الانسان، وكما يقول محمود درويش علينا " أن نحرس وردة الشهداء وأن نحيا كما نحن نشاء".


أترككم مع كلنمات الأغنية التي بالامكان الاستماع اليها على الرابط التالي:-

http://www.youtube.com/watch?v=VTAO27gMhpM&feature=related


خذ بالك علي


خذ بالك علي..دي مش معاملة تعاملني بيها


وابقى افتكر ليا..أيام تعبت عشانك فيها


ياريتك بس تفهمني وماتستهونشبوحدة

تبقى مجروحة ومابتبينش


دي الوحدة

أد ماتضحي وتستحمل


أول مابتفتكر تنسى مابتسأذنش


كان في حاجات نقصاك وأنا..كملتها


وحاجات كثير مش حلوة فيك..جملتها


أنا فرصة لو ضيعتها..حتزعل عليها


ياريتك بس تفهمني وماتستهونش بوحدة

تبقى مجروحة ومابتبينش


دي واحدة

أد ماتضحي وتستحمل


أول مابتفتكر تنسى مابتسأذنش




مين غيري عايشه تخاف عليك..طول عمرها


مين غيري هتسيب روحها ليك..لو سبتها


مين غيري لو تحتاجلها..قوام هتلاقيها

ياريتك بس تفهمني وماتستهونش بوحدة

تبقى مجروحة ومابتبينش


دي واحدة

أد ماتضحي وتستحمل


أول مابتفتكر تنسى مابتسأذنش