الخميس، 26 نوفمبر 2009

بندوره

بندوره

تخوفات

خالد بطراوي

شاب في مقتبل العمر، متدين، يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة، يشهد له القاصي والداني أنه يعكس الصورة الحقيقية للاسلام في نشر مفاهيم التسامح ومكارم الاخلاق وحقوق الآخرين وغيرها من المفاهيم.

توجه هذا الشاب الملتحي الى مدرسة خاصة قبل أشهر بحثا عن فرصة عمل لتدريس التربية الدينية، فطلب منه أن يقدم السيرة الذاتية وقيل له أنهم بالعادة يكتفون بها ولا حاجة لتقديم طلب. عاد مجددا وبيده السيرة الذاتية. دخل الى غرفة رأس الهرم الاداري في المدرسة الخاصة ( المدير أو المديره) فما أن شاهده هذا المسؤول حتى استنفر في داخله وخارجه.

بلباقة طلب هذا الشاب أن يقدم لوظيفة في المدرسة، كان الجواب فورا لا يوجد شواغر وقد استبقت حركة ايدي الشخص المسؤول كلام اللسان فاخذ يحرك يديه في الاتجاهين بطريقة لا تحترم الانسان الذي يقف قبالته.

خرج هذا الشاب قائلا لذاته " لو على الأقل أخذ هذا المسؤول السيرة الذاتية وقال انشاء الله ننظر في الطلب وبعد خروجي لو ألقى سيرتي الذاتية في سلة المهملات لكان وقع ذلك عليّ أخفّ من هذه المعاملة".

خرج هذا الشاب من المدرسة مفكرا " هل فعلا لا يوجد في مجتمعنا رؤيا وسطيه؟" في الطريق قابله أحد الأصدقاء فقال له " لو كنت قد حلقت لحيتك قبل الدخول الى المدرسة".

فكر صديقنا وقال لذاته مجددا " الى هذه الدرجة وصلت بنا الأحوال؟"

أما أنا فتذكرت على الفور ما كان يحصل مطلع السبعينات عند الحواجز اللبنانية، كانوا يطلبون من قاطع الحاجز أن يقول كلمة بندوره، فاذا قالها بـندوره ( بفتح الباء والنون) حافظ على عنقه، واذا قال "بندوره" بفتح الباء وتسكين النون" قتل على الفور فهو فلسطيني.

كيف لشخص تربوي أن يتصرف بمثل هذا السلوك وهل للمدرسة الخاصة أن تتوقف عند ذلك؟

ليست هناك تعليقات: