الخميس، 26 نوفمبر 2009

واه يا عبد الودود

بسم الله الرحمن الرحيم

واه يا عبد الودود

بقلم

المهندس خالد بطراوي

في زمن خلا من وسائل الاتصال الالكترونية، كانت الرسائل هي وسيلة الاتصال بين الأهل والأحبة، وكان ساعي البريد هو الشخص الذي تنتظره الحبيبة وينتظره الأب، وتنتظره الزوجة والأبناء فهو الذي يحمل هذا المغلف السحري، حيث رسمة الطائرة والعنوان المكتوب بخط اليد وطابع البريد ورسالة الحبيب.

مطلع السبعينات، رصد الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم بحسه المرهف هذه الظاهرة، وغنى قصيدته المرحوم الشيخ امام تحت عنوان " واه يا عبد الودود".

وكانت القصيدة عبارة عن رسالة من والد عبد الودود الى ابنه المرابط على الخط المتقدم من الجبهة، فكتب له والده بحسه الانساني وبكلماته البسيطة رسالة رصدها أحمد فؤاد نجم فقال له في البداية " واه يا عبد الوداد" وكأنه ينادي عليه وهو أمامه، ثم يفصح بالقول " يا رابص على الحدود" ويعطينا معلومات أن عبد الودود مرابط على الحدود.

ولكن لماذا، لماذا عبد الودود هناك. فيفصح الوالد أكثر بالقول أنه هناك " ومحافظ ع النظام" ويقصد بذلك ليس نظام البلد السياسي وانما أمنها.

ثم يتابع الوالد مستفسرا وهو ما تبدا به عادة الرسائل " كيفك يا واد صحيح" أي أرجو أن تكون بصحة جيدة، ويضيف " عسى الله تكون مليح" ثم يقول متمنيا " وراجب للامام" أي بمعنى تسير دوما الى الامام.

ويأتي ادخال الوالدة في الموضوع بالقول " أمك ع تدعي ليك و ع تسلم عليك" ثم تقول له بعد السلام " وتجول بعد السلام ، خليك ددع لأبوك" أي بمعنى "خليك جدع مثل والدك" " ليجولوا مين دابوك" أي عليك أن تكون جدعا مثل أبيك وخوفا من أن يقول الناس " من هو أبوك" و" يمصخوا الكلام" أي يستهزؤن ( يمسخون ) في كلامهم.

وهنا تظهر كرامة الانسان المصري البسيط، فاللغة المستخدمة لغة تعبر عن هذه الكرامة والعزة. فالوالد لا يريد من ولده الا أن يكون مثله وأن يكون " ابن بلد".

ثم ينتقل الوالد الى مسألة أخرى يبدأها بالتحسر والمناداة "واه يا عبد الودود" ويضيف " ع أجولّك و انت خابر كل الجضية عاد " أي أن الوالد لا يريد أن يقول لولده ما يعرفه ولكنه يذكره بالقضية، ويمعن بالقول "ولسة دم خيك ما شرباش التراب" أي أن دماء ولده الثاني شقيق عبد الودود ما زالت رطبة لم تتشربها الأرض. وكان قد استشهد في الدفاع عن الوطن والتصدي للعدو، فيقول الوالد مذكرا "حسك عينك تزحزح يدك عن الزناد" بمعني أنتبه واياك أن تغفو أو يبتعد أصبعك عن زناد رشاشك، ثم يضيف الوالد " خليك يا عبده راصد لساعة الحساب" اي أبقى متيقظا صاحيا للحظة المواجهة وعندها تجري عملية المحاسبة. ويقول الوالد أن ساعة الحساب قد اقتربت ولم يتبق الا تحديد ساعة الصفر " آن الاوان يا ولدي ما عاد الا الميعاد" من أجل أنهاء الشراكة (أي معاهدة السلام حاليا) " تنفض الشركة واصل" أي انهاء الشراكة من أساسها، وليس فقط كذلك بل " وينزاحوا الكلاب" أي يخرج الكلاب من أرضنا.

ويؤكد الوالد في رسالته أنه اذا كان عبد الودود " ابن أبيه" فعلية أن يثأر لشقيقه الشهيد " ان كنت ولد أبوك بتديب لي تار أخوك " ثم يقول الوالد بعد ذلك وعندها يبلغك الأهل جميعهم السلام " والأهل يبلغوك دميعا السلام".

وينتقل الوالد للاستفسار عن عبد الودود بالقول " واه يا عبد الودود، كيفك وكيف زميلك ، عسى اله طيبين" ويضيف أنه خاله زانتي سوف يأتي الى الجبهة ضمن مجموعة من المتطوعين " خالك زناتي داي لك ضمن المطوعين"، أما شقيقته فتذهب يوميا الى المستشفى القديمة لانها تتدرب كي تكون طبيبة ( المقصود ممرضة) أثناء المعركة " واختك تطلع يوماتي ع المستشفى الجديمة حاكم ع يمرنوها ف العركة تكون حكيمة"، أما محمدين موافي وهو من أبناء البلد وصديق عبد الودود فانه يتعلم أن يكون اطفائيا ويرسل تحياته الى عبد الودود ويقول له " العوافي" حيث يقول الوالد " ومحمدين موافي يتعلم المطافي ويجولك شد عزمك ويجولك العوافي".

ويحتار هنا الوالد ماذا يكتب بعد، فليس أمامه الا أن يضيف أن الأهل جميعا يبلغوه السلام " ومن هنا الجرايب والعيلة والعيال " أي الأقرباء والزوجة والأولاد " ع يبلغوك سلامهم " أي يرسلون تحياتهم وأشواقهم.

وكي ينهي الوالد فيقول " ولتمتة الردال " أي لتتمة الرسالة" : وآخر الكلام نقولك في الختام" الله يصون بلدنا، ويحرس السلام".

وهنا تنتهي رسالة الوالد ويوقعها " والدك حسن محارب " ويكتب الوالد صفته أنه " غفير برج الحمام" أي حارس قرية برج الحمام رغم أن ولده عبد الودود يعلم ذلك جيدا.

علينا أن نلاحظ أن الوالد بالكاد " يفك الحرف" وهو يكتب كما يلفظ لذا تعمد الشاعر أحمد فؤاد نجم أن يكتب القصيدة بأخطاء املائية.

لكن الرسالة تعبر عن هذا الفضاء الواسع من العزّة والكرامة والبساطة والحرص على أمور العامة والروح الوطنية العالية لدى المواطن المصري.

أترككم الان مع كلمات الأغنية لكن بالامكان الاستماع اليها بصوت المرحوم الشيخ امام اذا ما زرتم الموقع التالي :-

http://www.youtube.com/watch?v=3gumakWmihs








واه يا بعد الودود

يا رابص ع الحدود



و محافظ ع اللظام

كيفك يا واد صحيح

عسى الله تكون مليح

و راجب للامام

أمك ع تدعي ليك

و ع تسلم عليك

و تجول بعد السلام

خليك ددع لابوك


ليجولوا مين دابوك

و يمصخوا الكلام

واه يا عبد الودود

ع أجولّك و انت خابر

كل الجضية عاد

ولسة دم خيك

ما شرباش التراب

حسك عينك تزحزح

يدك عن الزناد

خليك يا عبده راصد

لساعة الحساب
أن الأوان يا ولدي

ما عاد الا المعاد

تنفض الشركة واصل

وينزاحوا الكلاب


إن كنت ولد أبوك

بتديب لي تار اخوك

و الأهل يبلغوك

دميعا السلام


واه يا عبد الودود

كيفك و كيف زمايلك

عسى الله طيبين

خالك زناتي داي لك

ضمن المطوعين

و اختك تطلع يوماتي

ع المستشفى الجديمة

حاكم ع يمرنوها ف العركة

تكون حكيمة

و محمدين موافي

يتعلم المطافي

ويجولك شد عزمك

ويجولك العوافي


ومن هنا الجرايب و العيلة و العيال

ع يبلغوك سلامهم و لتمتة الردال

و آخر الكلام نجولك في الختام



الله يصون بلدنا

و يحرس السلام



والدك حسن محارب

غفير برج الحمام

ليست هناك تعليقات: