الخميس، 26 نوفمبر 2009

خليل السكاكيني

عن خليل السكاكيني وملتقى المثقفين المقدسي

بقلم

المهندس

خالد بطراوي

لأسابيع خلت - وفي خطوة تستحق التقدير- كرّم ملتقى المثقفين المقدسي مجموعة من رموز الثقافة الفلسطينية. وقد جاء التكريم في الذكرى السادسة والخمسين لرحيل الأديب الفلسطيني خليل السكلكيني.

وكان ملتقي المثقفين المقدسي قد تاسس في العام 2002 بهدف حماية ورعاية الموروث الثقافي والحضاري في مدينة القدس ودعم التحديث في مختلف مجالات المعرفة الأدبية والفنية والتراثية والفكرية وكذلك لدعم وتشجيع المبدعين الفلسطينيين.

أما خليل السكاكيني فهو ابن مدينة القدس، ولد بتاريخ 23/1/1878 وتوفي عام 1953 وكان قد مارس عمله الصحفي في مجلة " الأصمعي" بالقدس ، وعمل معلما في المدرسة " الصلاحية" وقاد حركة شبابية لتعريب واصلاح الكنيسة الأرثودكسية وأصدر كتيبا بعنوان " النهضة الأرثودكسية في فلسطين" وأسس في العام 1901 " المدرسة الدستورية" وترك 13 مؤلفا منها كتب لغوبة ومناهج تربوية.

اما أنا فقد عرفت المرحوم خليل السكاكيني من خلال كتاب اللغة العربية في الصف الأول منتصف الستينات من القرن المنصرم. وشدّني آنذاك أسلوب اللعب في تعليم اللغة العربية فكان الدرس الأول " راس – رؤوس / دار – دور " ومع تسلسل الدراسة تعلمت ثلاثة أمور شكلت أحد أهم أساسيات شخصيتي.

أولها كان درسا جاء فيه أن شخصا خاطب تلميذا بالقول

الرجل :- الى أين أنت ذاهب يا بني؟

التلميذ :- الى المدرسة.

الرجل :- وماذا تتعلمون فيها؟

التلميذ:- نتعلم القراءة والكتابة والحساب وأشياء أخرى.

الرجل :- وماذا تفعلون في أوقات الفراغ ؟

التلميذ :- نخرج الى الملعب فنلعب.

تصوروا أنني بعد أكثر من أربعين عاما ما زلت أحفظ ذلك عن ظهر قلب. ولكن لماذا؟ ببساطة لأن في الأسلوب ما هو مشوق من حيث مزج الجد باللعب.

وثانيها كان درسا يروي حادثة سير أحد ألأطفال على الطريق وبيده صحنا وقد غطته والدته، فاستوقفه أحد المارة مستفسرا عما في داخل هذا الصحن، فكانت اجابة الطفل " لو أردات أمي أن تعرف ما به لما غطته"، وكان في هذه الاجابة الذكية معلومة لي منذ صغري بابقاء ما يراد له أن يبقى سرا طي الكتمان، فلم أعترف قط عندما قبعت في زنازين المخابرات هنا وهناك في الداخل والخارج.

وثالثها أن شخصا كان يعرض مهارته أمام المارة في سوق شعبي، حيث كان يرمي ابرا لتدخل في فتحات ضيقة مما أثار اعجاب المارة الا أن خليل السكاكيني كتب في العنوان " مهارة لا تفيد أحدا" وهو بذلك يلفت النظر الى أهمية أن تكون المهارات ذي فائدة.

كل ذلك ايها الأحبة يقودني الى ما أتحسر عليه الان وهو تحوّل المناهج التعليمية الى " طلاسم" للطلبة، اذ تفتقر الى أساليب ايصال المعلومة السلسة، وتجنح أكثر فأكثر نحو الحفظ الأصم لا الفهم والتحليل المنطقي المستند الى أساليب البحث العلمي، ما حوّل الطالب والطالبة الى "ماكنات حفظ" ليس الا.

وعلى الرغم من مرور 56 عاما على رحيل خليل السكاكيني الا أن صدى كلماته يتردد بين جدران وشوارع القدس العتيقة تسمعها وأنت متوجه لصلاة العشاء وصلاة الفجر وكل الصلوات في رحاب الأقصى المبارك حيث يقول " اذا اردت انهاض أمة فنبه فيها حاسة الجمال ونم، فاذا نبهت هذه الحاسة رأيت الفضيلة جمالا فلا تميل الى الرذيلة، رأيت العلم جمالا فلا ترضى بالجهل، رأيت في الحق جمالا فلا تميل الى الباطل، رأيت الخير جمالا فلا تميل الى الشر".

ليست هناك تعليقات: