الأربعاء، 16 يونيو 2010

نوال الزغبي ... فوق جروحي

نوال الزغبي ... فوق جروحي

مأساة

يرويها المهندس

خالد بطراوي

رام الله - فلسطين

في أغنية واضحة كل الوضوح وفي بعد نسوي عميق واحساس مرير تبدأ نوال الزغبي أغنيتها الجديدة "فوق جروحي" بالقول " مش رجولة منك تاخذ روحي مش بطولة منك تمشي فوق جروحي" وهنا يأتي التساؤل " ما الذي تحاول أن تقوله نوال الزغبي وكيف أخذ هذا الذي تخاطبه روحها ومشى فوق جروحها".

ثم وبحركة من يدها تشير الى أن الكيل قد طفح تقول نوال الزغبي " بدك ترحل عادي بس اترك لي أولادي". وهنا نبدأ نحن في فهم المعاناة، فهي تخاطب زوجها، الذي قلب البيت "هم وغم" واحتملت هي " لأجل الأولاد" ويحاول الان أن " يبتزها بالاولاد" كي ترجع.

وتطلق صرخة "آه" وهي ترجوه بالقول " بترجاك تخليهم شو ذنبهم تأ نئذيهم" وفعلا لماذا عندما يقع الخلاف بين الازواج نجد أن الاطفال هم الضحايا حيث تجري عملية " متاجرة" بهم وبالطبع فان التاجر هو " الزوج" والمشتري هي " الزوجة" التي يكون لها الاستعداد دوما للتنازل عن كافة حقوقها لأجل " أن يبقى الأطفال معها".

وتقول نوال الزغبي بوضوح " جاي تحاربني فيهم أنا كرمالهم ضحيت" وهنا أستطيع أن أفهم دوما هذا الاحتمال الهائل الذي تحتمله الزوجة وصبر أيوب الكبير على امتداد سنوات حياتها الزوجية، واستعدادها لان " تحني رأسها وتتقبل كل الاهانات" لأجل اطفالها، بل وألأدهى من ذلك تقول نوال الزغبي أنه رغم ما كان يفعله هذا الزوج الذي من المفترض أن يكون نصفها الآخر، رغم كل ما فعله، فانها سعت لأن لا يراه أطفاله طاغية، بل زرعت في داخلهم حبهم لوالدهم، لدرجة أن " ناره حولتها جنة" لكنها تضيف وقد " طفح الكيل" بالقول " لكن لا تحلم أني فيك بيجمعني بيت" بمعنى أن سقف عش الزوجبة قد انهار.

وتواصل نوال الزغبي أغنيتها بالقول " ناطر قلبي يركع تتحس بالقوة غصب عني ارجع هاي هيّ القوة" أي أن الزوج المحترم يلعب على عامل الزمن، وقد غادرت البيت " حردانه" بسبب الظلم الكبير الواقع عليها والمعاناة الشديدة، بينما حجز الوالد " وربما بقوّة قانون الأحوال الشخصية" الآولاد عنده "رهائن" ومنعهم من لقاء والدتهم. وتتسأل نوال الزغبي ما الهدف من أن " طفلك تحرق دمه وتبعد عنه أمه" وفعلا ما هو الهدف أن تلحق الدمار النفسي بالطفل؟

اذا وعلى ايقاع لحن حزين عبّرت نوال الزغبي على امتداد أربع دقائق ونيّف وباختصار شديد، أنه طالما أن الحياة الزوجية قد أصبحت مستحيل، وطالما أن عش الزوجية قد بدأ بالانهيار، فلماذا نجعل من ذلك تكريس للفرقة والمعاناة والمس بكرامة المرأة وممارسة الابتزاز من خلال الأطفال وتحويلهم من "بشر" الى سلعة يتاجر بها هذا المتنفذ الذكر الذي يستمد قوته من قوانين الأحوال الشخصية سارية المفعول التي تحتاج الى اعادة نظر بما يحفظ انسانية المرأة والأطفال.

على مجتمعاتنا أن تبدأ بالتفكير جديا بالمشاعر والأحاسيس ، بالكيمياء الانسانية والمعادلات حيث لا يوجد في الحروب أي منتصر، بل الخسارة للجميع. علينا أن نكف النظر لأطفالنا على أنهم " ملكية شخصية لنا" اذ أن لهم مشاعرهم وأحاسيهم وعقولهم وعلينا أن ننمي لديهم القدرة على صنع واتخاذ وتنفيذ قراراتهم.

ما غنّته نوال الزغبي، هو رسالة الى مجتمعاتنا برمتها أولا، تقول أن المرأة ليست سرير، بل كتلة من المشاعر والأحاسيس والعقل المستنير والعواطف وعلينا أن ننتصر لها في تشريعاتنا الوضعية. وتقول نوّال الزغبي لكافة الحركات النسوية " كفّوا عن مناكفات الصالونات وثقافة النسكافيه" واستخدموا الفن والموسيقى والأدب للتعبير عن حجم معاناة المرأة والأطفال في مجتمات الذكور.

وفي الختام، لا بد لي أن أشكر من لفت نظري الى هذه الأغنية كي أكتب عنها.

بامكانكم الاستماع الى الأغنية من خلال الرابط التالي :-

http://www.youtube.com/watch?v=nqgky-O0CZM&feature=related

ليست هناك تعليقات: