الخميس، 27 أكتوبر 2011

طبيب جراح ... جورج وسوف

طبيب جراح ... جورج وسوف

رؤيا

خالد بطراوي – فلسطين

(الى ل.ع. مع احترامي وتقديري)

على أيقاع لحن حزين يبدأ المطرب جورج وسوف ( شفاه الله) أغنيته وهو يلبس ملابس تمثل الزمن الماضي ويركب سيارة من سيارات "زمان" ويدخل الى مكتبه حيث الآلة الكاتبة القديمة جدا ويجلس ليطبع كما اجلس أنا الان ( ولكن عند جهاز الحاسوب ) ويبدأ الأغنية بوصف حاله كما حال الطبيب النطاسي الجراح الذي يداوي قلوب الناس ويضيف " وياما جراح سهرت الليل أداويها" فيسطع نجمه كطبيب بارع وتكثر الأحاديث حوله بالقول " شافوني قالوا متهني" لدرجة أنهم أردفوا قائلين "من كتر الفرح بيغني" لكنه يقول لهم لا تستعجلوا بل "تعالوا واسألوا عني أنا اللي بيّ جراح" لدرجة أن كل اطباء الكون " ما تشفيهم".

وهنا ورغم أن ذلك قد يكون حقيقيا عند كثير من الناس لكنني لا أعتقد أن الذي يحرص دوما على أن يطبع البسمة على شفاه من حوله أو يدخل السرور الى قلوبهم يجب أن "يحملهم جميلة" لما يفعله لاجلهم بل على العكس عليه أن يواصل مساعيه هذه بصمت بل بصمت مدقع حتى لو كان داخله ملىء بالحزن وأيما حزن.

ثم ينتقل جورج وسوف الى مقهى من مقاهي "زمان" حاملا صحيفة وبعد أن يلقى التحية على المتواجدين يجلس ويتابع الغناء بالقول " يا عاشقين قلبي زي الغريب بقالوه زمان ... يا عاشقين حبي نسيتو ازاي نسيتو ازاي حبي اللي كان .. حبي اللي كان" وهنا يتضح لنا ماهية الحزن الذي يعتمر قلب جورج وسوف في كونه قد فقد لسبب أو لآخر المحبوب ربما جراء خطأ منه أو من المحبوب أو من كليهما معا.

ويمعن جورج وسوف في الملامة بالقول " فين الوعود ... فين العهود" وهو بذلك يستفسر مستنكرا التصرفات التي صدرت عن المحبوبة بخلاف الوعود السابقة بمعنى أن الفعل قد اختلف عن القول وهذه مسألة عامة لدى الانسانية جمعاء تتعلق باختلاف الأقوال عن الأفعال، ويزيد بالقول " فين المحبة والحنان". وهنا أيضا تكمن خاصية غريبة لدى الكثيرين فحتى لو افترضنا أن الحبيب والحبية قد افترقا فلماذا على كل منهما أن يعادي الآخر، لماذا يتنكر أي منهما للذكرى الطيبة ولماذا لا تصدر عنه لا النعوت السلبية الى تذم وتقدح الآخر؟، لماذا لا يحفظ الواحد منا الذكرى الطيبة؟

وينتقل جورج وسوف الى صالون حلاقة يستخدم "الموس" لحلاقة اللحية ويتابع أغنيته بالقول " يا ما أسيت يا ما صمتي مرار صمتي مرار ... ضحكي قليل ... ضحكي قليل ... ضاعت الابتسامة .. والقطر فات والقطر فات .. ومن سنين .. ومن سنين" وهنا أيضا يتحدث عما في داخله وان كان هذه مسألة صحية من ناحية العلاج الروائي وهو أحد اساليب العلاج النفسي الحديثة لدينا ( والقديمة لدى العالم) لكن اذا كان الغرض هو ايقاع اللوم على الآخرين فهو مرفوض وخاصة من شخص وصف نفسه في البداية أنه طبيب جراح يدواى جراحات قلوب الآخرين.

وبالمحصلة العامة من وجهة نظري أنه من الجيد بل من الممتاز أن يكون الانسان طبيب جراح يداوي قلوب الناس من حوله ويخفف عنهم، لكنه في ذات الوقت يجب أن يحرص كل الحرص على أن يعمل بصمت أولا وأن لا "يحمّل" من يساعده جميلة فتفاقم من جراحاتهم.

اما جراحاته فليبقيها لنفسه وليطلقها في زفرة أغنية كما أغنية جورج وسوف فان وجد من يداويها من بين أصدقاءه أو من داوهم فذلك " خير وبركة" وان لم يجد فيجب أن لا يمنعه ذلك من مواصلة عمله في التخفيف عن الآخرين مع الآخذ بعين الاعتبار أنه ليس بالضرورة أن يكون عمل الطبيب الجراح "بتر" أو "قص" الجزء المسبب للألم بل أيضا اعادة اللحمة.

لجورج وسوف الراقد الان في المستشفى تحت العناية الآلهية ورعاية أطباء جراحين تمنياتي بالشفاء العاجل ولكم أيها الأحبة رجائي بالدعاء له وبامكانكم أن تستمعوا الى أغنيته على الرابط التالي :-

http://www.youtube.com/watch?v=-pleVatayes