الجمعة، 7 مايو 2010

في التاسع من آيار يوم النصر على النازية

في التاسع من آيار يوم النصر على النازية

خلجات المهندس

خالد بطراوي

فلسطين

في التاسع من آيار من كل عام تحتفل البشرية جمعاء بيوم النصر على النازية. ويكتسي هذا الاحتفال أهمية خاصة في دول الاتحاد السوفياتي السابق حيث أن هذا الشعب العظيم قد دحر جحافل النازيين وحق الانتصار تلو الانتصار ليصل الى ذروة النصر التام على النازية في التاسع من آيار عام 1945 بخلاف عمليات تزوير التاريخ التي تمت وتتم حاليا بايهام العالم بالدور المحدود الذي لعبة شعب الاتحاد السوفياتي والجيش الأحمر في القضاء على النازية وتخليص البشرية جمعاء من أحد أسوأ أنواع الاحتلال واحدى أقصى الحروب.

أما أنا ففي هذا اليوم أستذكر كثيرا من الصور التي عشتها أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات من القرن الماضي عندما كنت على مقاعد الدراسة في الاتحاد السوفياتي. أولى هذه الذكريات هي جلوسي مع المشاركين في الحرب ضد النازية واستماعي الى أحاديثهم والبطولات التي اجترحها هذا أو ذلك ممن قضى أو ما زال على قيد الحياة آنذاك.

وثاني هذه الذكريات ما كان يستوقفني عندما يعلم محدثي المحارب أنني فلسطيني، فأرى دمعته وهو يردد " كم هي قاسية الحرب، كم هي قاسية الحرب" فيما يشد على يدي.

وثالث هذه الذكريات الأغاني والافلام التي شاهدناها سواء أكانت الوثائقية أو الملحمية التي كانت تجسد بشكل اساسي مدى التفاني في الدفاع عن الوطن والتطبيق الدقيق لمقولة " الفرد للجميع". وما زلت أردد في يوم النصر أغنية " كاتيوشا" وأغنية " يوم النصر" وعندما ارددها أقف مؤديا تحية عسكرية لكل من قضى أو جرح أو أصبح معاقا في العالم أجمع وهو يناضل من أجل قضية تحرر وطني ودحر احتلال.

وأروع الذكريات هي كم القصص الهائل التي قرأتها والتي كانت تؤكد أن الانسان هو القيمة العظمى في النضال. ومن هذه الروايات الرعب والجرأة للكاتب ألكسندر بيك الذي أعطى الدرس الأول للجنود المحاربين بالقول أنكم لا تدافعوا عن الأرض بل تدافعوا قبل ذلك عن الانسان الذي يحيا على هذه الأرض، أما رواية " كيف سقينا الفولاذ" للكاتب نيقولاي أستروفسكي فقد حفرت في داخلي موعظة هامة حول مدى تفاني الانسان لأجل المجموع فقد عاش هذا الكاتب معاقا مدة 32 عاما ومع ذلك عمل متفانيا لأجل غيره. وقد قال في مقدمة روايته " أن أغلى شىء للانسان – حياته، وعليه أن يحيا بذاك النمط، الذي فيما لو قدّر له – بعد الممات – أن يحيا مجددا لأجاب " سأحيا كما حييت ".

ولا أريد أن اطيل في الذكريات، لكنني أستذكر طالبة المدرسة البطلة زويا كوزموديميانسكا، التي قتلها الألمان شنقا في 29/11/1941 والقيت جثة عارية على الثلج في احدى شوارع قريتها بيتريشفا القريبة من موسكو العاصمة. فقد تطوعت زويا للعمل خلف خطوط العدو الألمان وعندما تم اكتشافها عرّيت تماما وسط القرية في الثلج وفي ظروف جوية قاسية تعدت درجة الحرارة الثلاثين تحت الصفر، وعندما أرادوا تعليقها على حبل المشنقة صاحت " لن تستطيعوا شنق 170 مليون، سوف ينتقم رفاقي لي، سوف ينتصر الاتحاد السوفياتي" تلك الكلمات التي يرددها حتى الان كل من سمع عن زويا. ظلت جثة زويا معلقة على المشنقة مدة شهر دون أن يتمكن أي من أهالي القرية من دفنها حيث رابط الجنود الألمان في نقطة عسكرية قربها. عندها كتبت الشاعرة مرجريتا يوسوفنا

أحتفظ دائما

بصورة زويا

لن أنساها

ما حييت

هذا الجسد الغض

غير الميت

وغير الحي

وجوانحي تشتد حسرة

وغضبا

ليس لشنقها

فهذا فعل نازي متوقع

بل للأمومة التي

لم تدب في أحشائها

فهي لم تشعر

بلذة أن يطبق

طفل رضيع

فمه على

حلمة ثديك البكر

لذلك كله أيها ألأحبة ولأشياء أخرى أحنى رأسي اجلالا واكبارا لكل من ساهم في دحر الاحتلال وتخليص البشرية من النازية. وأقول لأبنائي وأبناء أشقائي وشقيقتي زويا، أن جدكم وجدتكم "أبو خالد وأم خالد" ليس عبثا أسموا أمكم وعمتكم باسم زويا.

"ان أفضل سني العيش هي حتما التي سوف تأتي" مقولة للشاعر الفلسطيني سميح القاسم، ولم تكن هذه السنين الأفضل سوف تأتي على البشرية لولا زويا وامثالها من الأبطال الذين نضع وردة حمراء على قبورهم في التاسع من آيار من كل عام ونذرف دمعة.



ليست هناك تعليقات: